مديـــنة العــيلــفون
كنا فرشنا السكة ورود لو كلمتنا كان بالجية
خطوة عزيزة ويوم موعود الخلاك تطرانا شوية
تسال فينا وتجي حارتنا ودابة الفرحة الليلة غشتنا
الحظ الجانا غشى سكتنا جانا وجابك لينا هدية
يالهليت فرحت قلوبنا إطريتنا الليلة وجيتنا
شوف شتلاتك كيف نشوانا والفل فرهد فرحان في البيت
والريحان طربان يتمايل غازل زهرة وعاين ليك
كل البيت خليتو في فرحة ضحكت قلوب وقلوب منشرحة
جيت واكتملت بيك اللوحة تسلم سيدنا و أهلاً بيك




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مديـــنة العــيلــفون
كنا فرشنا السكة ورود لو كلمتنا كان بالجية
خطوة عزيزة ويوم موعود الخلاك تطرانا شوية
تسال فينا وتجي حارتنا ودابة الفرحة الليلة غشتنا
الحظ الجانا غشى سكتنا جانا وجابك لينا هدية
يالهليت فرحت قلوبنا إطريتنا الليلة وجيتنا
شوف شتلاتك كيف نشوانا والفل فرهد فرحان في البيت
والريحان طربان يتمايل غازل زهرة وعاين ليك
كل البيت خليتو في فرحة ضحكت قلوب وقلوب منشرحة
جيت واكتملت بيك اللوحة تسلم سيدنا و أهلاً بيك


مديـــنة العــيلــفون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رؤية اسلامية حول الوحدة الوطنية

اذهب الى الأسفل

رؤية اسلامية حول الوحدة الوطنية Empty رؤية اسلامية حول الوحدة الوطنية

مُساهمة من طرف alkangr الخميس مارس 11, 2010 6:21 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]


ikhwansd.com


الإخوان المسلمون- الإصلاح
مكتب الدراسات والبحوث
بسم الله الرحمن الرحيم


الوحدة الوطنية واحدة من المطلوبات الواقعية التي لا تستقر الحياة في قطر من الأقطار بدونها، فهي ضرورة من ضرورات الاجتماع البشري القائم على التعاون والاتفاق والتآلف، الذي ينتج عنه إصلاح الأرض وعمارتها..وهذه من الكليات التي جاء الإسلام لتحقيقها، لما فيه من تحقيق مقاصد الدين.
ولكن في ظل تعقيدات الدولة الحديثة، والنظام العالمي الذي ساد العالم بعد الحقبة الاستعمارية، تحولت الوحدة الوطنية من قضية واقعية محسوسة، وملموسة، ومطلب ضروري لاستقرار الحياة، تحولت إلى مفهوم سياسي مشحون بالآيديولوجيا الوضعية البعيدة عن هدى الوحي السماوي، تلك التي سادت العالم الغربي تحت مسمى العلمانية.
وعندما استجلب هذا المفهوم إلى بلاد المسلمين، تمت صياغته ليوضع بطريقة مضادة لمنهاج الإسلام، وطريقته في إقامة الدولة، التي ترتكز على سيادة حكم الله تعالى، حتى صار تحقيق الوحدة بين أبناء الوطن – وهي من مقاصد الدين- أمراً لا يتم إلا بإزاحة الدين عن الحكم!!.
مع أن الإسلام قد جاء لإصلاح حياة الناس كلهم، المسلم وغير المسلم، بنظام دقيق محكم، يكفل للناس إن هم اتبعوه أن يعيشوا معاً بسلام واستقرار من غير غبن يأتي من جهة الحقوق والواجبات.
ولكن قضية "الوحدة الوطنية" تختلف معالجتها في النظام الإسلامي اختلافاً كاملاً عن الطرائق الوضعية..فتلك النظم الوضعية إذا ما استقرأنا تجاربها وجدناها كلها لا تؤدي إلا إلى سلسلة من الإشكالات والتفاقمات..ولا تنتهي بنا إلى وضع مثالي يتعايش فيه الناس على اختلاف أعراقهم ومعتقداتهم في أرض واحدة، وفي ظل نظام واحد كما هو الحال في الإسلام.

ماذا يريد الإسلاميون؟!
وتتفق جماعات العمل الإسلامي جميعها، على أمر واحد وأصيل "هو يقينها القاطع بأن الحل لإشكالات الوطن – بل العالم أجمع- كامن في الإسلام..وتسعى تلك الجماعات كلها – على اختلاف وسائلها وطرقها- إلى تقديم ذلك الحل للناس، عبر إقامة دين الله تعالى وتمكين شريعته"..
ومن الطبيعي إذن أن يكون معيارها في تناول قضية مثل "الوحدة الوطنية" هو المعيار الشرعي الإلهي، الذي اختبره العالم على مدى بضعة عشر قرناً من الزمان، وفي رقعة واسعة من الأرض، شملت العالم القديم كله "إفريقيا وآسيا وأوروبا"، وقدم نموذجاً مستقراً للوحدة الوطنية في ظل أوضاع من التعدد أكثر تعقيداً وتشابكاً من أوضاعنا اليوم..بينما لم تكمل تجارب النظم الوضعية حتى الآن قرناً واحداً، ولم تقدم حلاً مرضياً لتفاقمات مشكلات التعدد العرقي والديني!.
مشكلتنا في العالم الإسلامي هي استسلامنا النفسي والفكري، للدعاية الغربية التي تفترض أن البشرية في هذا العصر، أكثر نضجاً من سابق عهودها بسبب ما وصلت إليه من تقدم تكنولوجي، وأنه بالضرورة أن تكون التجارب الحديثة أصلح من تجارب التاريخ "المراهقة"..وأنه كلما كانت الدولة متقدمة تكنولوجياً، كلما كانت أكثر نضجاً من غيرها فكرياً وسياسياً!!..
بناءاً على تلك المقدمات، نجد أنفسنا مدفوعين لابتلاع المعايير والمفاهيم والتفسيرات الغربية، بغير وعي..وأحياناً حتى ونحن نتعامل مع القضايا بمنهج الإسلام، فإننا نقدمها معبّأة في قوالب غربية وضعية!!.
وهذا منزلق يجب أن لا تسقط فيه جماعات العمل الإسلامي، لأنه يغلق أمامها الآفاق الواسعة من التفكير والاجتهاد الحر، التي فتحها أمامها الإسلام!!.
إذن فالوحدة الوطنية ليست محكومة بتلك العناوين والمفاهيم التي حشدوا بها الجو والبر والبحر؛ "المواطنة"، "الدولة المدنية" "حقوق الإنسان"..إلخ..ولكنها محكومة بشيء آخر نلمسه في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وفي قوله تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

بين الوحدة والتعدد..
وعند تناول قضية الوحدة الوطنية، تبرز أشكال مختلفة للتعدد المستهدف بالانسجام والوحدة:
التعدد الديني- التعدد العرقي - التعدد الطائفي- التعدد السياسي..
وفي واقعنا السوداني، قد لا نكون معنيين كثيراً بالإشكالية الطائفية، فليس في السودان حتى الآن انقسام طائفي بين سنة وشيعة، رغم وجود بدايات للنشاط الشيعي في البلاد..
ولكن الانقسامات التي يعاني منها السودان يستخدم فيها الدين، والعرق بشكل أساسي..ورغم أن الدين لم يبرز كعنصر للصراع في السودان في سابق الأيام، حتى جاء الوقت الذي استغل فيه استغلالاً سياسياً من قبل كيانات عرقية وتيارات سياسية، وقوى دولية وكنسية..وتم توظيفه بصورة كبيرة في واحدة من أطول الحروب في القارة الإفريقية، هي الحرب بين الشمال والجنوب، التي استمرت لنصف قرن من الزمان، منذ اندلاع التمرد الأول في الجنوب السوداني في العام 1955م، وحتى توقيع اتفاقية السلام الشامل في العام 2005م، التي أعطت الانقسام الديني والعرقي مبرراً وسابقة قانونية، فتحت الباب واسعاً أمام التدخلات الأجنبية.
أما الانقسام السياسي، فهو أهون الأصناف، وليس بذي خطر لأنه مؤقت، ينتهي بانتهاء الصراع بين السلطة والمجموعات المعارضة، إما بزوال النظام، أو بالاتفاق والمصالحة..ولكن الإشكال الأكبر يبرز عندما تقوم المجموعات السياسية باستغلال الشروخ العرقية والقبلية، أو الدينية، وتتلبس بلبوسها، فينتهي الأمر إلى فتنة أهلية واسعة الضحايا وفادحة الخسائر، ويصبح احتواؤها أمراً عسيراً.

الدين والوحدة الوطنية في السودان

الإدارة البريطانية التي حكمت السودان بعد إعادة احتلاله عام 1898م هي التي كرّست الانقسام بين الشمال والجنوب، والكنائس الغربية والمنظمات التبشيرية هي التي ألبست ذلك الانقسام لباس الدين حين نفخت الأحقاد في روع قيادات التمرد الجنوبي، والسياسيون النصارى هم الذين استغلوا الدين لتحقيق أطماعهم الانفصالية، فقد كان الأب ستالينو لاهوري، أحد مؤسسي حركة الأنانيا 2..كما وُظِّفت الشريعة الإسلامية التي أعلنها الرئيس نميري في العام 1983م، وظفت عنواناً لتسويق تمرد اندلع قبل إعلانها بأشهر.
من طبيعة الإسلام..التعامل مع التعدد :
من طبيعة الإسلام بوصفه الدين الخاتم أنه جاء لكل البشر، ليحكم جميع الناس؛ من آمن به ومن لم يؤمن، ذلك أنه احتوى على أصول كل تشريع أنزله الله للبشر، (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) (سورة الشورى:13).
والمجتمع في الدولة الإسلامية لم يكن في يوم من الأيام مقصوراً على المسلمين دون غيرهم، منذ الدولة الأولى في المدينة، حين كتب النبي صلى الله عليه وسلم "صحيفة المدينة" التي فصلت الحقوق والواجبات بين المجموعات القبلية والدينية في المدينة:
"المؤمنون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمة دون الناس"...
"يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، ومواليهم، وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتِغ إلا نفسه وأهل بيته"..."ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف..وليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف....إلخ"...
إلى أن قال "وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مردّه إلى الله وإلى محمد رسول الله، وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبرّه".
ونص الوثيقة أخرجه –كاملاً بطوله - ابن هشام في السيرة 3/31 ،وابن كثير في البداية والنهاية 3/224، وابن سيد الناس في عيون الأثر 1/238.كلهم عن ابن إسحاق دون ذكر سند. ولكن البيهقي أخرجه في السنن الكبرى 8/106من طريق الحاكم النيسابوري فأسنده إلى محمد بن إسحاق، وساق السند عنه إلى الأخنس بن شريق: قال: "أخذت من آل عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الكتاب كان مقرونا بكتاب الصدقة الذي كتب عمر للعمال"..ولم تأت الوثيقة مفصلة إلا عند ابن اسحق وفي الإسناد إليه ضعفٌ، إذ فيه أحمد بن عبد الجبار، وهو العطاردي، أبو عمر الكوفي، مختلف في توثيقه، وضغفه غير واحد من علماء الحديث.
وجاءت أيضاً مرسلة من طريق الزهري..ولكن أصل الوثيقة ثابت بالحديث الصحيح عند الأئمة: البخاري ومسلم وغيرهما، وجاءت الروايات مجتزأة مختصرة بمجموعها يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاباً بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة.
لقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه الحاكم الأعلى للمدينة مع أمة تعددت انتماءاتها القبلية والدينية، فنظمهم جميعاً في إطار واحد؛ المسلمين على اختلاف قبائلهم، واليهود بطوائفهم المختلفة، والكلمة الفصل، والحكم لله ورسوله..وكانت صحيفة المدينة هي أول التشريع، ثم نزلت بقية أحكام أهل الذمة، لاحقاً..
وحين اتسعت رقعة الدولة الإسلامية لتشمل رقعة واسعة وتمددت في قارات العالم القديم (آسيا، وأفريقيا، وأوروبا) اجتمع فيها من الأعراق، الأديان مالم يجتمع في دولة من دول العالم القديم ولا الحديث..ومع ذلك فقد وجدوا في دولة الإسلام ما يستوعب حياتهم ويوفي حقوقهم..وهو الأمر الذي جعل نصارى الشام يناصرون المسلمين على إخوانهم في العقيدة والدين من الروم الأرثوذكس، بل قدموا مفاتيح بيت المقدس بأيديهم لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكتبوا على أنفسهم الشروط التي صالحهم عليها وعرفت في التاريخ بالشروط العمرية..والإجماع عليها مشهور.

منهاجان مختلفان...
من أكبر الإشكالات التي تحول دون التوصُّل إلى حل للأزمات هي المفاهيم المستوردة التي يتم فرضها على الناس كمسلَّمات لا يمكن تجاوزها..مثل المسلمة التي تقول: "المواطنة أساس الحقوق والواجبات"!!..والمواطنة كلمة مجردة لا غبار عليها، فهي تعني الصفة التي ينتسب بها شخص ما إلى بلد ما، ولكن الإشكال يرد حين ترتبط بـ"الحقوق والواجبات".. وهذه أيضاً منظومة مقررة مسبقاً، وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان!!.
إن اعتبار المواطنة – كما في المفهوم الغربي الوضعي- مستلزماً لحصول الفرد على حقوق متساوية دون مراعاة للثقافة السائدة، أو دين الغالب، ولا لطبيعة النظام الذي تخضع له الأغلبية وترتضيه لإدارة شؤون دولتها، هو مكمن المشكلة..فمن هنا ينشأ التعارض بين حق الأغلبية في تطبيق نظامها، والحق الممنوح للفرد، من خارج تلك الأغلبية في الحصول حقوق تتصادم مع النظام السائد!!..حيث تمنح المواطنة الحق لغير المسلم في تولى أي منصب في الدولة حتى لو كان ذلك المنصب هو رئاسة الدولة، وهو ما يصادم النظام الإسلامي!..ومن أجل الفرد تتم خلخلة نظام الأغلبية، أو المطالبة بإلغائه بالكامل.
وفي النظام الإسلامي يتمع الفرد مسلماً كان أم غير مسلم، برعاية الدولة، بمعنى أنه واحد من رعاياها، ويتمتع بحقوق هذه الرعاية، ويؤدي واجباتها، ليس على قاعدة المواطنة، وإنما على قاعدة "الشريعة"..فالشريعة هي التي تفصل الحقوق والواجبات وتوجبها، وليس اتصاف الفرد بالصفة التي تنسبه للأرض..
والمفهوم الوضعي يجعل الانتماء إلى الأرض أو الانتساب إليها وحمل جنسيتها هو الأساس الذي ينشئ الواجبات، أما في المفهوم الإسلامي فإن الأرض ذاتها تكتسب قيمتها من جريان أحكام الإسلام فيها، فهي إما أن تكون (دار إسلام)، أو (دار حرب)، أو (دار عهد)..وبمعنى آخر: "الإسلام هو الذي يمنح الأرض قيمتها، وبالضرورة هو الذي يحدد حقوق وواجبات أهل الأرض ومنتسبيها".
وقد سوَّت الشريعة الإسلامية بين رعايا الدولة المسلمة – رغم اختلاف الأديان والأعراق- في أغلب الحقوق والواجبات، ومايزت بينهم في بعضها؛ مما له طبيعة تتصل بالدين..
فمن حق غير المسلمين على الدولة أن توفر لهم حمايتها ونصرتها كاملة كالمسلمين سواءًا بسواء، وتدافع عنهم وتستنقذ أسراهم وإن أدى ذلك إلى موت المسلمين دون ذلك، وهذا محل إجماع عند علماء الأمة، قال ابن حزم الظاهري: (وأن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتاله بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك صوناً لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنّ تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة) (نقله القرافي في الفروق 3/14-15).
ولهم كافة الحقوق العدلية، والاقتصادية، كالمسلمين سواء بسواء، وقد قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ليهود خيبر عندما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذ من ثمارهم وزروعهم: (والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إليّ..وما يحملني حبي إياه ولا بغضي لكم على أن لا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض)..
ووجب على الدولة أن تعين ضعفاءهم، وتنفق من مالها على فقراءهم، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أسقط الجزية عن فقراء النصارى وعجزتهم، وفرض لهم نصيباً من بيت المال يستعينون به على الحياة.
والأصل أن مواطني الدولة متساوون في حق العمل وتولي الوظائف إذا استوفوا شروطها، واختلاف العرق ليس عاملا مؤثراً في شروط استحقاق تولي الوظيفة في الدولة المسلمة، أما اختلاف الدين، فهو مؤثر بالضرورة، لأن بعض الوظائف في الدولة التي تقوم على العقيدة والفكر تستلزم "الموافقة" العقائدية، وإلا أثر على أهداف الدولة ونظامها.
فليس لغير المسلم تولي مناصب القيادة العليا في الدولة المسلمة، مثل:
- منصب رئاسة الدولة أو الإمامة الكبرى، فمن أهم شروط الإمام الأعظم أن يكون مسلماً، لأن مقتضى البيعة التي يبايع عليها تحكيم شرع الله تعالى، وإقامة الحدود، وحراسة الثغور، فكيف سيطبق كافرٌ شرع الله تعالى؟!.. وهذا متفق عليه، قال تعالى: (ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً)، والإمامة - كما قال ابن حزمٍ : - أعظم " السّبيل " (الموسوعة الفقهية 6/ 218) . وقد نقل الإمام النووي عن القاضي عياض قوله: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر ، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر : انعزل" انتهى ."شرح مسلم " (12/ 229).
- واشترط العلماء نفس الشرط لكل منصب في السلطة يستقل المرء فيه بتدبير الأمور والنظر في سياستها، مثل منصب نائب الرئيس، والإمارة على الأقاليم، ووزارة التفويض، عند الماوردي، لأن تسليم هذه المناصب لغير المسلمين يعني ولاية غير المسلم على المسلمين، وتسليم توجيه السياسة الإسلامية لمن لا يؤمن بها.
- وكذلك منصب قيادة الجيش، لأن الجهاد من أركان الدين، وهو مثل إمامة الصلاة، فلا يستقيم أن تكون في الكافر، ولأن غير المسلمين ليس مطلوباً منهم أن يقاتلوا مع المسلمين أصلاً، فهم في ذمة المسلمين والمسلمون مطالبون بحمايتهم مقابل الجزية التي يدفعونها للدولة.
- لا يجوز لغير المسلمين تولي مناصب القضاء العام الذي يحتكم إلى الشريعة الإسلامية، فمن "أهم الشروط في تولية القضاء أن يكون من يتولاه مسلماً، فعلى هذا لا يجوز تولية غير المسلم للقضاء بين المتخاصمين، ولا يختلف أهل العلم المسلمين في هذه المسألة، بل لا يجوز تولية المسلم الفاسق ومن في حكمه" (مجلة البحوث الفقهية المعاصرة- العدد 77 – 1/2/2008م).
- في القضايا التي لا تتصل بالنظام العام في الدولة، مثل الجنايات، وجرائم الحدود يخضع غير المسلمين للشريعة الإسلامية، ويختصون بقضاء دينهم في القضايا التي تخصهم، أو قضايا "الأحوال الشخصية" بالاصطلاح الشائع..وهنا لابد من نظام قضائي خاص بهم، وقضاة منهم يتولون الفصل بينهم في هذا النوع، ولا يجوز للقاضي المسلم أن يتدخل بالنظر في تلك القضايا، إلا إن تحاكموا إليه، فيحكم بينهم بكتاب الله تعالى.
وفي باب الواجبات تسقط عن أهل الذمة واجبات مفروضة على المسلمين، مثل الزكاة، والجهاد، وتجب عليهم واجبات لا تجب على المسلمين مثل دفع الجزية.

إشكالية الانقسام العرقي..
أما التعدد العرقي فقد أصبح سبباً لسلسلة من النزاعات..ابتداءاً من سياسة (فرّق تسد) التي اتبعتها الإدارة الاحتلالية الإنجليزية مع القبائل السودانية لأجل تثبيت حكمها في السودان، التي خلفت اشكالات جعلت الاقتتال بين القبائل السودانية يندلع لأتفه الأسباب، وحتى الانفجار الكبير للصراع العرقي الذي وقع في دارفور في العام 2003م، وما زال مستمراً حتى الآن، بل ألقى بظلاله على كافة أنحاء السودان، حيث صارت التكتلات العرقية والجهوية أمراً واقعاً في كل أنحاء السودان، شرقاً، وغرباً، وشمالاً، وجنوباً..وكل ذلك بدفع من القوى الخارجية الطامعة في ثروات السودان، الباحثة عن مناطق نفوذ لها فيه..
ولم تكن بعض السياسات التي اتبعتها بعض الحكومات السودانية - خاصة حكومة الإنقاذ- بعيدة عن تهيئة الجو لحدوث الانقسامات العرقية..من ذلك تقوية بعض القبائل والاستعانة بها للقضاء على حالات التفلت والتمرد ضد الدولة، التي يضلع فيها أبناء قبائل أخرى، ومما كان له آثار سالبة على التوازن القبلي في الأقاليم التي تعاني أصلاً من إشكالات واحتكاكات قبلية بسبب الأرض، ومسارات الرعي..أضف إلى ذلك أن حالة الاقتتال المستمر جعلت السلاح منتشراً في يد رجال القبائل، وشكل هذا حافزاً متجدداً لوقوع الصراع القبلي!!.
وبعد فشل الحسم العسكري في إنهاء التمرد اتجهت الدولة إلى الحوار وعقد الاتفاقيات، وبسبب تعدد الجبهات أمامها، تضطر – في الغالب- تقديم تنازلات كبيرة، وترضيات للمتمردين ضدها، هذا الأمر كرّس نتيجة مفادها أن (البندقية هي الطريق لنيل الحقوق في السودان).
وقد كانت اتفاقية (نيفاشا) التي قدمت للمتمردين الجنوبيين على طبق من ذهب تنازلات ما كانوا يحلمون بها منذ اندلاع التمرد في الجنوب..فكانت حافزاً للحركات التي تمردت في دارفور، وفي الشرق، على مواصلة الضغط المسلح، حتى تحصل على مكاسب مماثلة..وكانت الاتفاقات الجزئية التي عقدتها الدولة مع بعض حركات دارفور في أبوجا، حافزاً لظهور مزيد من الحركات المتمردة.

مشكلات التنمية:
هذا بالإضافة إلى الأشكالات المتعلقة بخارطة التنمية، وتوزيع السلطة، والثروة، وكلها وُظِّفت سياسياً لتصبح قنابل شديدة الانفجار.
لقد سادت السودان حالة من الغضب العرقي، تنظر إلى الأمور بمنظار حالك السواد، وتحت ظل هذه الحالة غير الطبيعية، أعادت بعض الجماعات العرقية قراءة تاريخ السودان، لتخرج برؤى مؤدّاها أن الحكم في هذا البلد ظل محتكراً لمجموعات عرقية معينة، وأن مشروعات التنمية تنفذ في مناطق دون غيرها، وأصبح هناك عدم ثقة بالدولة بوصفها، محتكرة لمجموعات عرقية محددة!..
التفسير القبلي للأحداث والتاريخ صار هو السائد دون النظر إلى الاعتبارات الموضوعية الأخرى، مثل مشاكل اتساع الوطن، صعوبة المواصلات، وعدم الاستقرار السياسي..إلخ..وفي إطار هذا التفسير أصبحت بعض المشاريع التنموية سبباً لإشكال كبير في منطقتها، إما بسبب رفض الأهالي للمشروع، واعتباره استهدافاً لهم، مثل مشروع "سد كجبار" في أرض المحس..أو غبناً لهم بسبب عدم مناسبة التعويضات الممنوحة بالمقارنة مع ما فقدوه بسبب المشروع، مثل مشكلة المناصير مع إدارة سد مروي!.
وفي نهاية الأمر أصبحت الصيحات العرقية تتزايد كل يوم، وصارت لدينا مشكلة كبرى بين العرب و "الزرقة" (القبائل الإفريقية) في دارفور.. ومشكلة بين النوبة والعرب في جنوب كردفان، ومشكلة "تهميش" في قبائل الشرق، ومشكلة استهداف للحضارة يحركها العلمانيون من أبناء النوبة في الشمال!!..

ضمانات الوحدة الوطنية:
حسم هوية الوطن:
إن أكبر مطلوبات الوحدة الوطنية، وضوح هوية الوطن، فإن ذلك أمر يجعل سريان النظام المناسب لتلك الهوية أمراً بدهياً..فإذا كانت هوية البلد هي الإسلام، فإنه من المنطقي أن يكون النظام المعمول به هو الإسلام.
وإن التلكؤ في حسم الهوية هوأكبر مثبطات الوحدة الوطنية، بل إنه من أكبر الإشكالات التي تؤدي إلى الاضطرابات، والانقسامات الأهلية، وهو أمر ظل يعاني منه السودان منذ استقلاله، فرغم وضوح المسألة فإن الساسة عجزوا أن يحسموا قضية الهوية الإسلامية لهذا البلد، ظلوا يتجنبون في كل الدساتير التي صيغت الإشارة إلى أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي، أو أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريعات.
والسودان بلد مسلم، يقول بذلك تاريخه، وواقعه، والثقافة السائد فيه، فآخر الإحصاءات تقول إن المسلمين في السودان يبلغون (73%) من مجمل السكان البالغ عددهم 39.1 مليون نسمة، بينما لا يتجاوز عدد النصارى 8%، وبقية المعتقدات الإفريقية 22% .
وقد ظل الإسلام هو الحاكم، في السودان قبل الحقبة الاستعمارية، وكان التشريع الإسلامي هو المتبع في كل السلطنات والممالك الكبرى التي قامت في مختلف أنحاء السودان؛ مثل سلطنة الفور التي حكمت أجزاءاً من دارفور وكردفان، ومملكة المساليت في أقصى الغرب، والسلطنة الزرقاء في الوسط، التي امتدت إلى جنوب السودان.. ومن قلب الجنوب أنشأ الزبير باشا رحمة دولة إسلامية لتخضع حتى إقليم دارفور لسلطانها، وتحت ظل الحكم التركي المصري.. وتوحدت أغلب أجزاء السودان تحت حكم الشريعة الإسلامي في ظل الدولة المهدية التي حررت البلد من حكم الأتراك الذين كان يستعينون بالحكام المديرين النصارى.
وقد سبق الإسلام النصرانية إلى جنوب السودان، وكان هو الدين السائد إلى جانب المعتقدات المحلية، حتى جاء الاحتلال الإنجليزي، الذي عمد بكل السبل إلى تغيير الأوضاع، فعزل الجنوب عن الشمال، وكرّس التبشير النصراني، وحارب الإسلام، وفرض على الأهالي تغيير الأسماء الإسلامية والأزياء العربية، وجعل التعليم، ووظائف الدولة في يد النخبة النصرانية.ومع ذلك ظل المسلمون في الجنوب يفوقون النصارى عدداً في جنوب السودان وفقاً لآخر الإحصاءات.
لقد كانت رؤية الجيل الأول من رواد الحركة الوطنية السودانية الحديثة، (مؤتمر الخريجين) لحل مشكلة الجنوب وتحقيق الوحدة الوطنية، هي نشر الإسلام والثقافة العربية في الجنوب، فالإشكال في نظرهم ناشئ عن سياسة العزل (المناطق المقفولة) التي مارستها السلطة الإنجليزية المحتلة..ولكنهم عجزوا عن تنفيذ رؤيتهم عندما تولوا زمام الأمر بعد خروج المحتل..ولكنها وجدت طريقها للتنفيذ في عهد الرئيس الفريق إبراهيم عبود، الذي طردت المنصرين الأجانب – سبب الشقاق- وسودن الوظائف الكنسية، وفتح الباب أمام الدعوة الإسلامية في الجنوب، وهذا ما أثار عليه ثائرة الكنيسة العالمية، والفاتيكان، والقوى الغربية، حتى أطيح بحكمه في أكتوبر 1964م.
إن حسم هوية البلد توجهه أمر يؤثر بشكل أساسي في استقراره، ويدعم الوحدة الوطنية، على الأقل من باب الأديان والمذاهب والثقافات، حيث تعرف كل مجموعة دينية حجمها الحقيقي، وتتفهم وضعها، ولا تطمح إلى تضخيم ذاتها، ولا المطالبة بشيء هو من حق الأغلبية.

تماسك النسيج الاجتماعي..(وتجاوز الإشكال العرقي):
لقد تعامل الإسلام مع التعدد العرقي على أنه آية من آيات الله تعالى في الكون (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)، وأوضح أن الهدف ذلك الاختلاف ليس الاختلاف، ولكنه التعارف، الذي تنتج عنه زيادة الخبرات والتنافس على الخير (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)..
ولكن الإسلام لم يرتب على الانتساب لقبيلة ما أية حقوق سياسية أو مدنية أو اجتماعية زائدة على غيرها من القبائل..بل جعل قاعدة التفاضل والتمايز بين الناس هي الدين والتقوى، ثم الكفاءة والمقدرة..
وجعل اللحمة بين المسلمين وقاعدة الموالاة والتناصر هي العقيدة والدين، وليس القبيلة والعرق، (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) سورة التوبة (71)، وفي الحديث (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه) متفق عليه.. وحارب الإسلام العصبية القبلية التي تؤدي إلى الاحتراب والاقتتال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار"، قيل: فهذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه أراد قتل صاحبه") صحيح البخاري/ كتاب الفتن/ رقم 7078، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) صحيح البخاري/كتاب الفتن/ رقم 7077.
ومن أجل معالجة الإشكالات التي تنشأ بين القبائل أمر بالإصلاح بين المتنازعين، شرع الدية والعقل، والقصاص، والقسامة، وأمر بالإصلاح بين الطائفتين، والأخذ على يد الباغية منهما، (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [سورة الحجرات: 9].
تؤكد الدراسات أن بالسودان الآن أكثر ن 572 قبيلة تتفرغ إلى عشائر وبطون لا حصر لها، تشكل النسيج الاجتماعي، ذلك الذي أصابته اليوم من الخروق ما اتسع على الراتقين..
ورغم ذلك فإن في هذا التعدد العرقي الكبير ميزة، وهي أن أغلب هذه المجموعات العرقية تدين بالإسلام، وهو العامل الذي يربط بينها، ويدفعها إلى التلاقي والتعارف، والتزواج والتمازج.. هذا مشاهد، خاصة في غرب السودان، حيث توجد أشد حالات التعدد القبلي والعرقي، وأعنف نزعات الاعتزاز بالقبيلة والعرق..ولكن ذلك لم يمنعهم من التزاوج والتمازج..
وفي هذا المجال ترد جملة من الإشكالات التي تسببت في الانفجارات العرقية، وهي قضايا تحتاج إلى علاج:
- اشكالية العرق والأرض: ففي مجتمع تغلب عليه البداوة كالمجتمع السوداني، يحصل الاحتكاك المعهود بين القبائل الرعاة (الرحل)، وقبائل المزارعين (المستقرين)..وتحدث التعديات على الأرض بسبب المراعي ومصادر المياه، هذا أمر يستلزم من الدولة أن ترسِّم مناطق القبائل، وتوضح مسارات الرعي، وتزيد على ذلك الاهتمام بتوفير مصادر المياه من آبار وغيره، للرعاة وللمزارعين على حد سواء..كما عليها أن تهتم بزعماء القبائل، فتقوم على تأهيلهم وإشراكهم في إدارة مناطقهم، فهم أهل الحل والعقد، وبيدهم أن ينزعوا فتيل الصراع إن منحتهم الدولة سلطات حقيقية تكفل لهم القيام بذلك..وعلى الدولة أن تفي بالتعهدات التي تطلقها عند معالجة كل مشكلة، حتى لا تنشأ عنها مشكلة أخرى.
- إشكالية العرق والحكم: وتلك إشكالية ثقافية في المقام الأول، وعلاجها أن ترتفع روح التمدن الإسلامي في أفراد المجتمع، ثم تتحول إلى سلوك اجتماعي ينصبغ به العامة والخاصة، فيتجاوز الناس أحقاداً وكراهية نشأت في ظروف تاريخة غابر، ويتخلون ادعاء كاذب وتعالٍ وتفاخر عرقي ممجوج.. كما ينعكس في تركيبة القوى السياسية، وعلى أدائها إذا ما وصلت إلى الحكم، فلا يكون أساس تولي الوظائف في الدولة هو القرابة وصلة الدم، ولا تستبعد طوائف من المناصب بسبب الكراهية العرقية!!..وإذا أضيف إلى ذلك تساوي فرص التعليم، والتدرج في الوظائف الحكومية، بين مختلف أنحاء الوطن، فلا شك إنه سيكون هناك تداول طبيعي ومتوازن للسلطة بين قبائل السودان وأعراقه، ونواحيه على أساس العلم والأمانة والكفاءة..ولن نضطر إلى أسلوب ممجوج يقسِّم السلطة على جهات الأرض الأربعة!.

التنمية المتوازنة:
لابد لكل سلطة تمر على السودان أن تضع في حسبانها أن أمامها مارثون طويل لتحقيق التنمية المتوازنة، في جميع أصقاع أرض المليون ميل، فتفتح المدارس، والجامعات، وتشق الطرق القومية، وتقيم المشاريع التي توفر فرص العمل لأبناء المناطق المختلفة، وتستغل الموارد المتاحة في كل إقليم وولاية لتحقق رفاهًا اقتصادياً لأهلها.
كما عليها أن تتجنب الغبن الذي ينشأ عن سوء معالجة المشروعات القومية، ذلك الذي يذهب بكل محاسن المشروع أدراج الرياح، ويخلف أحقاداً وضغائن تصلح لتكون خميرة لانفجار ينسف وحدة الوطن وتماسكه..
إن المعالجات التي تقدم ترتيبات إدارية شكلية، مثل "اللامركزية" و"الفيدرالية" و"الحكم الذاتي" لا تعني شيئاً كثيراً، إذا لم تتم معالجة أصل المشكلة، وهاهنا فإنه من الأجدى والأنفع الالتفات إلى إحداث التنمية الحقيقية والجادة..صحيح أن التنمية بحاجة إلى استقرار، وهذا ما يفعله توافق القوى السياسية ومع القوى الاجتماعية، ولا شيء يجمع المسلمين غير دينهم، إذا أجليت لهم حقائقه، ورفع عنهم الجهل به..عندئذٍ تفتضح سرائر القادة السياسيين الذين لا يتوانون في استغلال الفتنة العرقية لتحقيق مصالحهم، وأجندة الدول التي تقف من خلفهم.

الحل في الإسلام:
النظام الإسلامي بطبيعته معد للتعامل مع الواقع المتعدد، وهو بمنهجه، الواضح وقوة عقيدته وقدرتها على الإقناع، يفرض نفسه بدون إكراه ولا قسر، فيدخل الناس في دين الله أفواجاً، هكذا كانت تجربته مع كل الأمم التي ضمها تحت حكمه..
كما من شأن الرباط الوثيق الذي ينشئه بين المؤمنين، أن يقضي على العصبيات العرقية والقبلية، ويحل محلها الإخاء الإيماني، ويحول التعدد القبلي والعرقي من عامل فرقة وشتات إلى عامل ثراء ومنعة.
وفي تقديرنا أن أكبر أسباب التي تفتح الباب أمام الاضطراب والتوتر والمؤامرات التي تحاك ضد السودان، هو عدم ثقة الشعب بمن يحكمونه. وقد ظل هذا الأمر ملازماً لنا منذ أن نال السودان استقلاله حتى يومنا هذا، فالشعب يشعر أنه في وادٍ وحكامه في وادي آخر..ومشكلات السودان تحتاج إلى التحام تام بين الأمة وحكامها، يكونون به جبهة تتكسر على صدرها مؤامرات المتآمرين وأطماع الطامعين.
وفي اعتقادنا أن لا شيء يجمع المسلمين خلف حكامهم سوى الإسلام؛ عقيدة، وشريعة، وأخلاقاً، ومعاملات..فإذا أقامت الدولة حكم الله تعالى أقامت نظامه كاملاً غير منقوص ولا ملفق، ولم تخش فيه لومة لائم..وقبل ذلك تحلىّ الحكام – في جميع مستوياتهم- بأخلاق الإسلام، قدّموا من أنفسهم القدوة للناس، ولم يستأثروا دونهم بالمال والثروة، وكانوا أولهم جوعاً، وآخرهم شبعاً، وأقاموا العدل، فنصروا المظلوم، وأخذوا على يد الظالم..ونشروا العلم وبذلوا دعوة الله تعالى، فلا شك أن صفاً مسلماً قوياً متيناً واحداً متماسكاً سينشأ..وعندئذٍ، تتحقق نعمة الله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران:103].
alkangr
alkangr
عضو جديد
عضو جديد

عدد المساهمات : 6
نقاط : 10
تاريخ التسجيل : 09/02/2010
العمر : 35
الموقع : alkangrwaleed.blogspot.com

http://alkangrwaleed.blogspot.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى